أيام الرعب.... يازكريا,,,
د. أسامة الفرا*
د. أسامة الفرا*
أيام الرعب إنجاز جديد يضاف إلى إنجازات الصحافة الفلسطينية، أيام الرعب
فيلم يرصد فصول الموت والدمار للحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة،
الفيلم فاز بجائزة أفضل فيلم في مسابقة للأفلام التلفزيونية في أوروبا،
حيث حصل على الجائزة الأولى ( بفاريا )، طاقم التلفزيون الألماني في قطاع
غزة عكف على إنتاج الفيلم حيث رصدت الكاميرا حركة الموت والدمار للرصاص
المصبوب على أهل غزة، من المؤكد أن الصحفي زكريا التلمس وزميله المصور
سواح ابو سيف لم يكن يعنيهما دخول الفيلم في مسابقات دولية بقدر ما كانا
يبحثان عن رصد بعض من تراجيديا العصر، معرفتي بالأخ زكريا التلمس تمتد لما
قبل الإنتفاضة الاولى، يومها كان يمضي داخل السجون الإسرائيلية اكثر مما
يمضيه خارجها، ومع إندلاع الإنتفاضة بات زكريا هدفاً لم تغمض أعين
المخابرات الإسرائيلية عنه وفي بعض الأحيان أرسلت تهديدها له عبر مكبر صوت
يصدع في المنطقة المحيطة بمنزله في مخيم خان يونس، وكما هو حال العديد من
المناضلين في تلك الفترة التي رأت أن النضال يستوجب رصد الإنتهاكات
والجرائم الإسرائيلية وإن كان ذلك بالكلمة المكتوبة، وجد زكريا نفسه
منخرطاً في العمل الصحفي دون ان يعي همومها ومتاعبها، واذكر أن صديقنا
المناضل جبر العماوي الذي أمضى سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية إنخرط
هو الآخر في هذا العمل في تلك الفترة، وكانت جولته الأولى والأخيرة في
عالم الصحافة مع بداية الإنتفاضة حين ذهب لمستشفى ناصر ممسكاً بورقة وقلم
وبدا يسجل اسماء الجرحى الذين يصلون لمستشفى ناصر بطريقة اثارت الريبة
والشك، فتآلب عليه من في المستشفى ظناً منهم أنه من الطابور الخامس لولا
أن قاد القدر زكريا فانقذه من علقة مؤكدة لا حد لها، يومها طلق صديقنا
الصحافة ( بالثلاثة ) فيما واصل زكريا مشواره وإستبدل بعدها القلم والورقة
بكاميرا تلفزيونية أخذ بها يلاحق جيش الإحتلال ليوثق بالصورة ما يفعله
الجيش المدجج بالسلاح في مواجهة أطفال الحجارة، وأثناء مواجهة من هذا
القبيل في شوارع مدينة غزة إستقرت رصاصة إسرائيلية في بطنه بعد ان إخترقت
العديد من مكوناته، وبعد جهد مضني وصل إلى سيارة لتقلة للمستشفى، ليكتشف
أن السيارة عاجزة عن مغادرة مكانها ( مغرزة )، مما إضطر زكريا للنزول من
السيارة ممسكاً جرحه بيد ويدفع بالأخرى السيارة علها تتلحلح من مكانها
وكان له ما أراد، ولم تفلح تلك الرصاصة التي كادت أن تودي بحياته من
إبعاده عن مهنة المتاعب، اكثر ما يثير إنتباهك في الحديث معه هو تنقله
بسلاسة بين موضوع وآخر، ويجيد البحث بين الكلمات والحركات، فهو لا يرصد
الإجابة فقط على السؤال بقدر ما يسجل في ذاكرته الإنطباع الذي تحجبه عادة
المفردات، يحاول في حديثه أن يزاوج بين واقع وماضي بغلاف فلسفي يفرض عليك
الإنصات.
المهم أن عالم الصحافة عاشه وعايشه في السراء والضراء، ولم تجذبه السلطة
ببريقها ولمعانها، فظل محافظاً على نصاعة نضاله الذي خط طريقه منذ ان شارك
في تأسيس منظمة الشبيبة، ليؤكد بأنه من المؤمنين الذين أعطوا للوطن دون
إنتظار مكافأة منه، وإن كنا قد عجزنا عن تكريم هؤلاء فيكفيهم شرفاً أنهم
كانوا جزءاً من صفحات مشرقة لم تتسلل لها بعد أيدي العابثين بالوطن
ومقدراته والطامحين لشطب التاريخ وشواهده، ولعل تكريمه دولياً لإنتاجه
فيلم ( ايام الرعب ) يأتي تكريماً لكل ما هو جميل في الوطن وإن نسيهم
الوطن أو تناساهم الأصدقاء.
منقول
ــــــــــــــــــ
[size=12]*محافظ خان يونس و رئيس بلديتها الاسبق