إن الواجب يقضي أن نتناول التاريخ بدقة خصوصاً عندما نتطرق
لبطولات وتضحيات لا يجوز أن تغطيها أتربة الزمان ولا غبار التشويه
والدعاية.
لذا أرجو أن تسمحوا لي استعراض ملخص لاغتيال الشهيد أبو حسن علي حسن سلامة
والملقب بالأمير الأحمر، ذلك القائد الفذ الذي وبخسارته لم تتمكن المقاومة
الفلسطينية من استبداله.
علي حسن سلامة من هو وماذا كان؟:
القائد علي حسن سلامة 1940-1979م والملقب بـ"أبو حسن" و"الأمير الأحمر"
كان ابن القائد الفلسطيني حسن سلامة أحد قادة حركة المجاهدين الوطنية قبل
النكبة، وهو من تبناه أبو عمار فبات يعرف بذراعه الأيمن وحافظ سره، إنضم
لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتـح" بعد النكسة عام 1967م وبعد سنوات
قليلة دخل جهاز (الرصد الثوري) لحركة "فتـح" وهو بمثابة جهاز المخابرات.
استقر الأمير الأحمر في بيروت عام 1970م وتولى قيادة العمليات الخاصة ضد
جهاز المخابرات الصهيونية في العالم والتي من أهمها العملية التي أدارها
ونفذها رجاله في بروكسل وقامو بتصفية ضابط الموساد (زودامك أوفير)، وكذلك
كان المسؤول عن إرسال الطرود الناسفة من أمستردام إلى العديد من ضباط
الموساد وعملائها في العواصم الأوروبية رداً على استهداف الموساد بعض
القيادات الفلسطينية بطرود ناسفة، وكان أهم من قتل من ضباط الموساد بهذه
الطرود ضابط الموساد المسؤول عن ساحة بريطانيا (أمير شيشوري).
إرتبط إسم الأمير الأحمر أبو حسن بعملية ميونخ الأمر الذي نفاه ابو داوود
في مذكراته، إلا أن غولدا مائير أصرت وأعطت أوامرها بقولها (إعثروا على
هذا الوحش واقتلوه) كما جاء في توثيق (فيكتور أوستروفسكي).
كان الأمير الأحمر حذراً جداً وذو حس أمني عالي جداً وقد تمكن من النجاة
من عدة محاولات لرصده واستهدافة مما أدى إلى متابعته من أعلى المستويات
الصهيونية، حتى أنه لم يكن له أي صورة لا من خلال صحافة ولا أي طريق آخر
وكان التعرف عليه بالغ الصعوبة.
الأمير الأحمر على رأس قائمة الإتيال الصهيونية:
بدأت ملاحقة أبو حسن سلامة منذ عام 1971م وكان مما سهل على الموساد
ملاحقته أنه للمرة الأولى بات له عنوان ثابت بعد أن تزوج من جورجينا رزق
ملكة جمال الكون.
قال كريم بقردوني (زعيم مسيحي يميني من قادة حزب الكتائب) بأنه نقل
تحذيراً من بشير الجميل للأمير الأحمر أبو حسن سلامة الذي كان خط الإتصال
بين القائد ياسر عرفات والمليشيات المسيحية في لبنان، حول معلومات وصلت
حديثاً لاغتياله، الأمر الذي أكده الأمير الأحمر لبقردوني بقوله مبتسماً
عندي خبر والحامي الله.
لم يقدّم بشير الجميل تفاصيل عن العملية لبقردوني، ولكنه طلب منه تحذيره بقوله (فأبو حسن صاحبنا) كما قال الجميّل لبقردوني.
كذلك أيضاً وصل تحذير للقائد أبو سلامة عن مخطط لاغتياله من قبل (المكتب
الثاني) وهو أحد أجهزة المخابرات اللبنانية، وقد عثر على قصاصة ورق بجيب
الأمير الأحمر بعد استشهاده تفيد بذلك.
رصد تحركات الأمير الأحمر وبدء مخطط الاغتيال:
المصادر الصهيونية تفيد بأن أبو حسن أو الأمير الأحمر دوّخ ملاحقيه ونجا
من أكثر من 10 محاولات اغتيال قبل أن تنجح الموساد في استهدافه عام 1979م
بعد أن استعمل الموساد خطة واسعة جند فيها رسامة بريطانية تدعى (سيلفيا
إيريكا روفائي)، تم تجنيدها لتعمل مع مؤسسات إجتماعية تعنى بجمع التبرعات
للاجئين ورعاية الطفولة وتحت هذا الغطاء دخلت لبنان وخرجت أكثر من مرة وفي
كل مرة كانت تحضر معها مبالغ تدفعها للجمعيات الخيرية للتغطية، وكانت
مهمتها الأساسية هي استئجار شقة قرب سكن جورجينا رزق لتراقب تحركات الأمير
الأحمر فسكنت في الطابق التاسع في عمارة قريبة جداً من سكن جورجينا رزق في
شارع الفردان.
بعد لأن رفعت عدة تقارير تفيد بأن مواعيد زيارة الشهيد أبو حسن سلامة
لزوجته هي مواعيد ثابته ويسلك في طريق القدوم والمغادرة نفس الطرق قرر
(رافي إيتان) المستشار الشخصي لمناحيم بيغن رئيس الوزراء الصهيوني أن يزور
بيروت بنفسه ليطلع على التفاصيل.
زار إيتان بيروت منتحلاً شخصية تاجر يوناني وتمكن من رؤية سكن جورجينا رزق
وتصويره وتصوير الشارع والمارة التي تسكن بها سيلفيا عميلة الموساد ثم عاد
إلى تل أبيب وأرسل ثلاثة ضباط موساد متخفين كعرب، إستأجر أحدهم سيارة
والثاني فخخها بالعبوة المتفجرة والثالث استلمها وأوقفها في المكان الذي
ستنفجر فيه وتم تسليم سيلفيا جهاز التفجير وانسحب الثلاثة.
صدرت الأوامر العليا بتنفيذ عملية الإغتيال.
تم تلغيم سيارة من نوع "فولكس واغن" بعبوة تنفجر لاسلكياً ووضعت في الطريق
الذي يسلكه الشهيد، وعند مرور موكب القائد أبو حسن سلامة المكون من سيارة
شيفروليه وسيارتي رانج روفر انفجرت العبوة الناسفة واستشهد الأمير الأحمر
فوراً.
إتصالات الشهيد بالـCIA ونجاحه في المهام الموكلة له:
الأمير الأحمر أبو حسن علي سلامة كان حلقة الوصل بين القيادة الفلسطينية
وبين الإدارة الأمريكية وكان على علاقة قوية مع الـ CIA حيث كان نداً لهم
وتمكن من عقد اتفاق بين منظمة التحرير والإدارة الأمريكية على التعاون
والتنسيق فبما بينهم من خلال هذا الاتفاق مثلاً تتعهد فصائل "م ت ف" بعدم
استهداف أي أهداف صهيونية على الأراضي الأمريكية أو خطوط الطيران أو
البحرية الأمريكية في مقابل معلومات استخباراتية تقدمها الـ CIA عن نشاطات
الموساد.
من خلال ذلك قدّم أبو حسن علي سلامة خدمات مهمة للأمريكان، بعد الاجتماع
بين الشهيد القائد ياسر عرفات ومندوب عالي المستوى مرسل من الـ CIA في
تشرين الأول من عام 1973م، وقد كان يعرف أبو حسن سلامة في مقر المخابرات
الأمريكية بـ( الشرير الذي يحسن معاملتنا) ومما يذكر أن أبو حسن وفر في
ظروف الحرب الأهلية الأمن للأمريكان حيث حذر المخارات الأمريكية من محاولة
إسقاط طائرة هنري كسينجر خلال إحدى رحلاته لبيروت، وكذلك فقد كشف عدة
محاولات لاغتيال أمريكيين في لبنان وبعد اغتياله صرح (هيرمان إيلتس)
السفير الأمريكي في لبنان بقوله:
لقد ساعدنا أبو حسن سلامة في حماية الكثير من المواطنين والمسؤولين الأمريكان ونعتبر مقتله خسارة فادحة.
لقد تمكن الأمير الأحمر أبو حسن علي سلامة بحنكته ودهائه الغير مسبوق أن
يروض العدو ويستفيد منه وكثيرون يعتقدون أن الأمير الأحمر أبو حسن هو من
فتح الباب أمام "م ت ف" لبدئ إتصالات مبنية على الندية بينها وبين الإدارة
الأمريكية.
في يناير من عام 1978م طلبت المخابرات الأمريكية من الموساد عدم التعرض
للأمير الأحمر وتركه (ليرتاح فهو رجلنا) ليأتي رد الموساد وقحاً حسب
المصادر الأمريكية:
(إنكم تعلمون ما فعله بنا، وأنتم تعرفون قواعد لعبتنا جيداً، لقد تقرر مصيره، إن الرب يغفر، أما "إسرائيل" فلا).
بقي أن نقول أن الموساد وفي لهثه وراء اغتيال الأمير الأحمر اقترف خطأً
سبب فضيحةً مدوية للموساد عندما اغتالوا المواطن المغربي (أحمد بوشكي) في
مدينة ليهامر بالنورويج اعتقاداً منهم أنه الأمير الأحمر، مما نتج عنه كشف
خلية الموساد واعتقال العملاء وبالطبع فشل العملية وسقوط ضحية مدنية وتوتر
العلاقة بين النرويج وكيان الإحتلال.
لبطولات وتضحيات لا يجوز أن تغطيها أتربة الزمان ولا غبار التشويه
والدعاية.
لذا أرجو أن تسمحوا لي استعراض ملخص لاغتيال الشهيد أبو حسن علي حسن سلامة
والملقب بالأمير الأحمر، ذلك القائد الفذ الذي وبخسارته لم تتمكن المقاومة
الفلسطينية من استبداله.
علي حسن سلامة من هو وماذا كان؟:
القائد علي حسن سلامة 1940-1979م والملقب بـ"أبو حسن" و"الأمير الأحمر"
كان ابن القائد الفلسطيني حسن سلامة أحد قادة حركة المجاهدين الوطنية قبل
النكبة، وهو من تبناه أبو عمار فبات يعرف بذراعه الأيمن وحافظ سره، إنضم
لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتـح" بعد النكسة عام 1967م وبعد سنوات
قليلة دخل جهاز (الرصد الثوري) لحركة "فتـح" وهو بمثابة جهاز المخابرات.
استقر الأمير الأحمر في بيروت عام 1970م وتولى قيادة العمليات الخاصة ضد
جهاز المخابرات الصهيونية في العالم والتي من أهمها العملية التي أدارها
ونفذها رجاله في بروكسل وقامو بتصفية ضابط الموساد (زودامك أوفير)، وكذلك
كان المسؤول عن إرسال الطرود الناسفة من أمستردام إلى العديد من ضباط
الموساد وعملائها في العواصم الأوروبية رداً على استهداف الموساد بعض
القيادات الفلسطينية بطرود ناسفة، وكان أهم من قتل من ضباط الموساد بهذه
الطرود ضابط الموساد المسؤول عن ساحة بريطانيا (أمير شيشوري).
إرتبط إسم الأمير الأحمر أبو حسن بعملية ميونخ الأمر الذي نفاه ابو داوود
في مذكراته، إلا أن غولدا مائير أصرت وأعطت أوامرها بقولها (إعثروا على
هذا الوحش واقتلوه) كما جاء في توثيق (فيكتور أوستروفسكي).
كان الأمير الأحمر حذراً جداً وذو حس أمني عالي جداً وقد تمكن من النجاة
من عدة محاولات لرصده واستهدافة مما أدى إلى متابعته من أعلى المستويات
الصهيونية، حتى أنه لم يكن له أي صورة لا من خلال صحافة ولا أي طريق آخر
وكان التعرف عليه بالغ الصعوبة.
الأمير الأحمر على رأس قائمة الإتيال الصهيونية:
بدأت ملاحقة أبو حسن سلامة منذ عام 1971م وكان مما سهل على الموساد
ملاحقته أنه للمرة الأولى بات له عنوان ثابت بعد أن تزوج من جورجينا رزق
ملكة جمال الكون.
قال كريم بقردوني (زعيم مسيحي يميني من قادة حزب الكتائب) بأنه نقل
تحذيراً من بشير الجميل للأمير الأحمر أبو حسن سلامة الذي كان خط الإتصال
بين القائد ياسر عرفات والمليشيات المسيحية في لبنان، حول معلومات وصلت
حديثاً لاغتياله، الأمر الذي أكده الأمير الأحمر لبقردوني بقوله مبتسماً
عندي خبر والحامي الله.
لم يقدّم بشير الجميل تفاصيل عن العملية لبقردوني، ولكنه طلب منه تحذيره بقوله (فأبو حسن صاحبنا) كما قال الجميّل لبقردوني.
كذلك أيضاً وصل تحذير للقائد أبو سلامة عن مخطط لاغتياله من قبل (المكتب
الثاني) وهو أحد أجهزة المخابرات اللبنانية، وقد عثر على قصاصة ورق بجيب
الأمير الأحمر بعد استشهاده تفيد بذلك.
رصد تحركات الأمير الأحمر وبدء مخطط الاغتيال:
المصادر الصهيونية تفيد بأن أبو حسن أو الأمير الأحمر دوّخ ملاحقيه ونجا
من أكثر من 10 محاولات اغتيال قبل أن تنجح الموساد في استهدافه عام 1979م
بعد أن استعمل الموساد خطة واسعة جند فيها رسامة بريطانية تدعى (سيلفيا
إيريكا روفائي)، تم تجنيدها لتعمل مع مؤسسات إجتماعية تعنى بجمع التبرعات
للاجئين ورعاية الطفولة وتحت هذا الغطاء دخلت لبنان وخرجت أكثر من مرة وفي
كل مرة كانت تحضر معها مبالغ تدفعها للجمعيات الخيرية للتغطية، وكانت
مهمتها الأساسية هي استئجار شقة قرب سكن جورجينا رزق لتراقب تحركات الأمير
الأحمر فسكنت في الطابق التاسع في عمارة قريبة جداً من سكن جورجينا رزق في
شارع الفردان.
بعد لأن رفعت عدة تقارير تفيد بأن مواعيد زيارة الشهيد أبو حسن سلامة
لزوجته هي مواعيد ثابته ويسلك في طريق القدوم والمغادرة نفس الطرق قرر
(رافي إيتان) المستشار الشخصي لمناحيم بيغن رئيس الوزراء الصهيوني أن يزور
بيروت بنفسه ليطلع على التفاصيل.
زار إيتان بيروت منتحلاً شخصية تاجر يوناني وتمكن من رؤية سكن جورجينا رزق
وتصويره وتصوير الشارع والمارة التي تسكن بها سيلفيا عميلة الموساد ثم عاد
إلى تل أبيب وأرسل ثلاثة ضباط موساد متخفين كعرب، إستأجر أحدهم سيارة
والثاني فخخها بالعبوة المتفجرة والثالث استلمها وأوقفها في المكان الذي
ستنفجر فيه وتم تسليم سيلفيا جهاز التفجير وانسحب الثلاثة.
صدرت الأوامر العليا بتنفيذ عملية الإغتيال.
تم تلغيم سيارة من نوع "فولكس واغن" بعبوة تنفجر لاسلكياً ووضعت في الطريق
الذي يسلكه الشهيد، وعند مرور موكب القائد أبو حسن سلامة المكون من سيارة
شيفروليه وسيارتي رانج روفر انفجرت العبوة الناسفة واستشهد الأمير الأحمر
فوراً.
إتصالات الشهيد بالـCIA ونجاحه في المهام الموكلة له:
الأمير الأحمر أبو حسن علي سلامة كان حلقة الوصل بين القيادة الفلسطينية
وبين الإدارة الأمريكية وكان على علاقة قوية مع الـ CIA حيث كان نداً لهم
وتمكن من عقد اتفاق بين منظمة التحرير والإدارة الأمريكية على التعاون
والتنسيق فبما بينهم من خلال هذا الاتفاق مثلاً تتعهد فصائل "م ت ف" بعدم
استهداف أي أهداف صهيونية على الأراضي الأمريكية أو خطوط الطيران أو
البحرية الأمريكية في مقابل معلومات استخباراتية تقدمها الـ CIA عن نشاطات
الموساد.
من خلال ذلك قدّم أبو حسن علي سلامة خدمات مهمة للأمريكان، بعد الاجتماع
بين الشهيد القائد ياسر عرفات ومندوب عالي المستوى مرسل من الـ CIA في
تشرين الأول من عام 1973م، وقد كان يعرف أبو حسن سلامة في مقر المخابرات
الأمريكية بـ( الشرير الذي يحسن معاملتنا) ومما يذكر أن أبو حسن وفر في
ظروف الحرب الأهلية الأمن للأمريكان حيث حذر المخارات الأمريكية من محاولة
إسقاط طائرة هنري كسينجر خلال إحدى رحلاته لبيروت، وكذلك فقد كشف عدة
محاولات لاغتيال أمريكيين في لبنان وبعد اغتياله صرح (هيرمان إيلتس)
السفير الأمريكي في لبنان بقوله:
لقد ساعدنا أبو حسن سلامة في حماية الكثير من المواطنين والمسؤولين الأمريكان ونعتبر مقتله خسارة فادحة.
لقد تمكن الأمير الأحمر أبو حسن علي سلامة بحنكته ودهائه الغير مسبوق أن
يروض العدو ويستفيد منه وكثيرون يعتقدون أن الأمير الأحمر أبو حسن هو من
فتح الباب أمام "م ت ف" لبدئ إتصالات مبنية على الندية بينها وبين الإدارة
الأمريكية.
في يناير من عام 1978م طلبت المخابرات الأمريكية من الموساد عدم التعرض
للأمير الأحمر وتركه (ليرتاح فهو رجلنا) ليأتي رد الموساد وقحاً حسب
المصادر الأمريكية:
(إنكم تعلمون ما فعله بنا، وأنتم تعرفون قواعد لعبتنا جيداً، لقد تقرر مصيره، إن الرب يغفر، أما "إسرائيل" فلا).
بقي أن نقول أن الموساد وفي لهثه وراء اغتيال الأمير الأحمر اقترف خطأً
سبب فضيحةً مدوية للموساد عندما اغتالوا المواطن المغربي (أحمد بوشكي) في
مدينة ليهامر بالنورويج اعتقاداً منهم أنه الأمير الأحمر، مما نتج عنه كشف
خلية الموساد واعتقال العملاء وبالطبع فشل العملية وسقوط ضحية مدنية وتوتر
العلاقة بين النرويج وكيان الإحتلال.